الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد نكبة عام 1948 وفقدان جزء كبير من فلسطين، وما تلاها من صراعات وحروب أدت إلى فقدان المزيد من الأراضي بعد عام 1967، برزت عدة فصائل فلسطينية اتبعت النهج الفدائي العسكري كوسيلة لتحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي.

تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

  • تُعتبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فصيلًا فلسطينيًا ينتمي إلى التيار اليساري، وهي إحدى مكونات منظمة التحرير الفلسطينية.
  • تنتمي الجبهة إلى الأيدولوجية الماركسية اللينينية، التي برزت خلال عقدي الستينات والسبعينات.
  • تأسست الجبهة على أنقاض حركة القوميين العرب التي أُسست في لبنان بعد نكبة عام 1948 بهدف تحرير فلسطين.
  • انضم إلى الجبهة عدد من الرموز العربية مثل جورج حبش ووديع حداد وغيرهم.
  • بعد نكسة عام 1967 واحتلال إسرائيل مزيد من الأراضي العربية، انهارت حركة القوميين العرب، وأصبحت فكرة إنشاء منظمة فلسطينية يسارية تتبلور.
  • اجتمع عدد من قادة حركة القوميين العرب من الفلسطينيين، مثل جورج حبش ومصطفى الزبري المعروف بأبي علي مصطفى ووديع حداد وحسين حمود ونايف خواتيمه، وقرروا تأسيس المنظمة.
  • لاحقًا انشق نايف حواتمة ليؤسس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في حين تنحى أحمد جبريل لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة.

بداية العمل الفدائي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

  • اعتمدت الجبهة الشعبية منذ لحظاتها الأولى العمل الفدائي كمبدأ لتحرير الأرض الفلسطينية سواء في الداخل أو الخارج.
  • تأثرت الجبهة بتجارب عالمية عدة، إذ استخدمت مجموعات مسلحة شبه عسكرية أسلوب حرب العصابات في عملياتها.
  • كان من أبرز هذه التجارب التجربة الفيتنامية التي أحرجت القوة العسكرية الأمريكية، بالإضافة إلى التجربة الكوبية وغيرها من حركات التحرر في تلك الفترة.
  • استندت الجبهة إلى عناصر تم تدريبها في عدد من الدول العربية قبل عام 1967، في معسكر أنشاص في مصر وسوريا والأردن ولبنان.
  • تزايدت عمليات تدريب الفدائيين خلال حرب الاستنزاف في مصر، وخاصةً خلال معركة الكرامة التي شهدت انتصار الجيش الأردني على الاحتلال.
  • تزامن ذلك مع حصول المنظمات الفلسطينية على المزيد من المساعدات العربية، إضافة إلى التدريب العسكري في دول الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية.

تسليح الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

  • شملت خطة الجبهة للحصول على تسليح مناسب لتنفيذ عملياتها في العمق الإسرائيلي وخارجه، مع عمليات التدريب والتأهيل لأفرادها.
  • في نهاية الستينات وبداية السبعينات، اقتصر تسليح الجبهة على الأسلحة الخفيفة التي حصلت عليها من مصر ومن جيش التحرير الفلسطيني.
  • اعتمدت الجبهة أيضًا على الذخائر والأسلحة التي تركتها القوات المصرية والفلسطينية في غزة بعد هزيمة عام 1967.
  • استكملت الجبهة تسليحها من خلال عمليات الشراء من السوق السوداء.
  • مع منتصف السبعينات، شهدت الجبهة تحولات كبيرة في نوعية تسليحها، بما في ذلك الحصول على بعض المدافع الخفيفة مثل الهاون.
  • مصادر السلاح الخارجي كانت محدودة، حيث حصلوا على إمدادات من العراق ثم من ليبيا وكوريا الشمالية.

العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين داخل الأراضي المحتلة

  • بمجرد تأسيس الجبهة، بدأت في إنشاء خلايا عسكرية استنادًا إلى أساس حركة القوميين العرب، من خلال شخصيات مثل أحمد خليفة وتيسير قبعة وأسعد عبد الرحمن.
  • كانت أولى العمليات محاولة استهداف مطار اللد، لكنها باءت بالفشل وتم اعتقال عدد من أفراد الخلايا.
  • نفذت الجبهة العديد من العمليات عبر الحدود اللبنانية والأردنية بالتعاون مع حركة فتح، مما جعلها من أبرز الفصائل الفلسطينية المسلحة في ذلك الوقت.
  • بزغ نشاط الجبهة بشكل كبير في قطاع غزة حيث كانت تتمتع بقاعدة شعبية واسعة.
  • بعد أحداث أيلول الأسود وطرد المنظمات الفلسطينية من الأردن، باتت العمليات العسكرية تقتصر على الحدود اللبنانية فقط.

العمليات العسكرية التي قامت بها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خارج الأراضي المحتلة

  • تعتبر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من أكثر الفصائل الفلسطينية نشاطًا في تنفيذ عمليات موجعة ضد الاحتلال الإسرائيلي في الخارج.
  • عام 1968، قامت الجبهة بأول عملية فدائية فلسطينية خارجية من خلال اختطاف طائرة تابعة للخطوط الإسرائيلية (العال) وإجبارها على الهبوط في الجزائر.
  • في عام 1969، شاركت ليلى خالد، إحدى ناشطات الجبهة، في السيطرة على طائرة أمريكية خلال رحلتها من لوس أنجلوس إلى تل أبيب.
  • صعد الفدائيان إلى الطائرة أثناء توقفها في روما، وأجبراها على التوجه إلى دمشق بدلاً من تل أبيب.
  • قاموا بإخلاء ركاب الطائرة، وعددهم 116 راكبًا، ثم قاموا بتفخيخ الطائرة وتفجيرها.
  • تُعد هذه العملية من أقوى العمليات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في الخارج.
  • توالت العمليات المماثلة التي قامت بها ليلى خالد بعد إجراء عدد من العمليات الجراحية التجميلية لتغيير مظهرها.
  • استهدفت هذه العمليات الطائرات ومكاتب شركات الطيران الإسرائيلية.
  • من أبرز هذه العمليات كانت محاولة اختطاف أربعة طائرات في آن واحد وتوجيهها إلى صحراء الأردن.
  • تضمنت إحدى العمليات اختطاف طائرة للعال في فرانكفورت بمشاركة ليلى خالد، لكن العملية فشلت وقتل خلالها المناضل النيكاراغوي باتريك أرجوليو، في حين تم اعتقال ليلى خالد.
  • تم الإفراج عن ليلى خالد لاحقًا كجزء من صفقة لتحرير رهائن الطائرات الأخرى.
  • الثلاث طائرات الأخرى، بما في ذلك طائرة خاصة بشركة بان أمريكا، وأخرى تعود لشركة TWA الأمريكية، وثالثة تابعة للخطوط السويسرية، تم اختطافها وتوجيهها إلى القاهرة.
  • تم تفجير الطائرات الثلاث في مطار القاهرة كرفض من الجبهة لمبادرة وقف إطلاق النار المعروفة بمبادرة روجرز عام 1970.
  • كانت هذه العملية نقطة تحول في العلاقات بين جمال عبد الناصر والأردن من جهة، والفصائل الفلسطينية المسلحة من جهة أخرى، وأدت إلى أحداث أيلول الأسود.

موقف الجبهة من المفاوضات العربية الإسرائيلية

  • ترفض الجبهة أي نوع من المفاوضات السياسية مع الاحتلال الإسرائيلي، وتعتبرها خيانة للقضية الفلسطينية.
  • بعد عام 1973، اعتبرت الجبهة قرار 242 الصادر عن مجلس الأمن تنازلاً عن فلسطين التاريخية، ورفضت التفاوض العربي الإسرائيلي.
  • في عام 1947 في الجزائر، وافقت الجبهة بشكل مشروط على اقتراح قيام سلطة وطنية فلسطينية على جزء من فلسطين، لكنها انسحبت بعد شهرين.
  • كان سبب الرفض هو قلق قائد الجبهة جورج حبش من أن يؤدي أي حل مؤقت إلى تحويل القضية الفلسطينية إلى حل دائم، وعرقلته لمقاومة الاحتلال أو عدم وجود دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
  • شكلت الجبهة ما يسمى بجبهة الرفض، التي ضمت عددًا من الفصائل الفلسطينية مثل جبهة النضال الشعبي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل.
  • بعد توقيع مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل بشكل منفرد، اتفقت الفصائل الفلسطينية مجددًا على رفض أي حل تفاوضي مع إسرائيل.
  • تجدد الشقاق بين الفصائل بعد محاولة منظمة التحرير الفلسطينية الدخول في مفاوضات مع إسرائيل بعد أحداث لبنان عام 1982، ووصل الأمر إلى اغتيال الجبهة لبعض رؤساء البلديات الفلسطينية.
  • في تسعينات القرن الماضي، أعادت الجبهة تأكيد موقفها الرافض لأي مفاوضات تجريها منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة ما يعرف باتفاقية أوسلو.

ستظل فلسطين هي القضية المركزية للعرب والمسلمين على مر السنين وتغير المواقف الإقليمية والدولية. ففلسطين والقدس تحظيان بمكانة خاصة في قلوب العرب والمسلمين، وستبقى المقاومة هي السلاح الأساسي للفلسطينيين في سعيهم لتحرير أرضهم، مهما تغيرت أشكال المقاومة من يسارية إلى أخرى ذات توجه إسلامي.